بعد قبول استقالات النواب: ماذا عن الانتخابات الفرعية والقانون المعتمد واحتمالات تأجيلها؟
لم يتأخر المجلس النيابي بقبول استقالات النواب الذي كانوا أول من سقط بفخّ الاستقالات الذي نصبوه لأنفسهم ضمن سياق طويل، لم يقوَ على الاستمرار بعد سقوط الحكومة، وحتى النائب مروان حمادة الذي قدّم له زملاؤه بالكتلة أعذارا ليعود عن استقالته، لم يسلم من فعلته، ووحدها ديما جمالي من لم تذق طعم الاستقالة لأنها لم تقدمها وفق الأصول، وربما تكون قلّة معرفتها بالأصول النيابية قد شفعت لها هذه المرة. بالنتيجة فقد 8 نواب “نيابتهم”، وهم سامي الجميل، نديم الجميل، الياس حنكش، مروان حمادة، هنري حلو، بولا يعقوبيان، ميشال معوض، ونعمت افرام.
لم يكن هدف المستقيلين والذين فكروا بالاستقالة من المجلس النيابي، إسقاط المجلس، بل إسقاط شرعيته، وضرب المؤسسة الوحيدة التي لا تزال تحتفظ بقوتها كاملة، خصوصا وأن الدستور اللبناني لا يتحدث إطلاقا عن حل المجلس النيابي في حال إستقالة أي عدد من أعضائه، حتى ولو وصل عدد المستقيلين الى الثلث أو النصف وحتى الى الثلثين، فالمجلس النيابي يختلف عن الحكومة في هذه النقطة، وبالتالي فلم يكن المهم عدد الاستقالات بل تأثيرها السياسي.
اذا لا وجود لفكرة سقوط المجلس النيابي بالاستقالة منه، وبالتالي ففي حالة إستقالة أي نائب، وبحسب النظام الداخلي للمجلس النيابي الصادر بتاريخ 18 تشرين الاول 1994، والمعّدل في جلسات الهيئة العامة للمجلس النيابي المنعقدة بتاريخ: 28 و29 أيار 1997 و10 و11 شباط 1999 و14/10/1999 و31/10/2000 و21/10/2003، في الفصل الخامس منه، بالمادة 17 فإنه “على الرئيس أن يعلم المجلس بالاستقالة بأن يتلو كتاب الإستقالة في أول جلسة علنية تلي تقديمها وتعتبر الإستقالة نهائية فور أخذ المجلس علماً بها”، وهذا ما حصل بالجلسة الاخيرة للمجلس النيابي. والسؤال ماذا بعد الإستقالة؟
لم ينص النظام الداخلي على كيفية التعاطي مع مسألة إستقالة النواب بعد حصولها، ولكن الدستور اللبناني تطرق الى المسألة في المادة 41 منه اذ نصّت على التالي: “إذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في انتخاب الخلف في خلال شهرين، ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد اجل نيابة العضو القديم الذي يحل محله، أما اذا خلا المقعد في المجلس قبل انتهاء عهد نيابته بأقل من ستة أشهر فلا يعمد الى انتخاب خلف”.
اليوم يسري على الواقع الحالي الشق الاول من المادة الدستورية، ما يحتّم على المسؤولين الشروع في انتخاب 8 نواب جدد ليحلّوا مكان المستقيلين، وفي هذا السياق يجب التذكير بأن قانون الانتخاب السائد حاليا هو القانون الذي أقر في حزيران عام 2017، وينص في المادة 43 منه على انه “إذا شغر أي مقعد من مقاعد مجلس النواب بسبب الوفاة أو الاستقالة أو إبطال النيابة أو لاي سبب آخر، تجري الانتخابات لملء المقعد الشاغر خلال شهرين من تاريخ الشغور، أو من تاريخ نشر قرار المجلس الدستوري القاضي بإبطال النيابة، في الجريدة الرسمية. ولا يشذّ عن هذه القاعدة سوى حصول الشغور خلال الأشهر الستّة الأخيرة قبل انتهاء ولاية المجلس”، وفي الفقرة الرابعة من هذه المادة يتحدث القانون عن “إجراء الانتخابات الفرعية لملء المقعد الشاغر على مستوى الدائرة الصغرى العائد لها هذا المقعد، وفقا للنظام الأكثري على دورة واحدة، أما اذا تخطى الشغور المقعدين في الدائرة الإنتخابية الكبرى، اعتمد نظام الإقتراع النسبي وفق أحكام هذا القانون”.
في الاستقالات الماثلة أمامنا، نجد أن الانتخابات الفرعية بحال حصلت فستجري على اساس النظام الأكثري.
هذا بحال قررت السلطة الالتزام بالقانون وإجراء الانتخابات الفرعية في وقتها، ففي العام 2017 وبعد التمديد للمجلس النيابي، لم يتمّ تطبيق القانون وإجراء انتخابات فرعية للمقاعد الثلاثة التي كانت شاغرة، واليوم يبدو أمر إجراء الانتخابات أصعب، لاعتبارين أساسيين، كما تقول مصادر سياسية مطّلعة، الأول هو الوضع الصحي الصعب الناتج عن وباء الكورونا، والذي يجعل من أي استحقاق انتخابي “قنبلة” موقوتة، والثاني هو الوضع الإقتصادي الصعب، اذ ان أي انتخابات فرعية مقبلة ستكون مكلفة للغاية.
ولكن بالنسبة للمصادر فإن هذا الواقع لا يُلغي احتمال إجراء الانتخابات الفرعية، حتى ولو تأخرت أكثر من شهرين اثنين، مشددة على أن أي قرار بهذا الشأن لم يُتّخذ بعد.
محمد علوش